تعدّ طاقة الكهرباء من أعظم الطاقات التي نقوم باستغلالها في حياتنا اليوميّة، في الإنارة، والتدفئة، والطهي، وإدارة المصانع، وري الزروع، وجميع دقائق وعظائم أمور حياتنا؛ فهي التي بُنيت عليها كلّ التكنولوجيا التي نراها اليوم، فلا عجب أن تشغل بال كبار العلماء الفيزيائيّين منذ القدم، وحتّى تاريخنا هذا، ولقد التمسوا إنتاجها بشتّى الطرق، من التفاعلات الكيميائيّة، ومصبّات المياه، ومن تشغيل التوربينات بالبترول، ومن الطاقة الشمسيّة، والطاقة النوويّة، ثمّ من طاقة الرياح، وتوليد الكهرباء من طاقة الرياح هو موضوع مقالنا، فتابعونا.
تعريف طاقة الرياح
تتنوّع مصادر الطاقة ما بين مصادر الطاقة النظيفة، ومصادر الطاقة غير النظيفة، والمصادر الأخيرة تلك تعدّ مصادر مكلفة بيئيًّا، فتكلفتها على البيئة بكلّ مكوّناتها على المدى البعيد تكلفة باهظة الثمن، سواء في الحاضر بما ينعكس من آثار سلبيّة على الإنسان، والنبات، والحيوان، والبحر وما يحتويه، والجوّ وما يطويه.
وفي المستقبل أيضًا عند معالجة تلك الآثار الناتجة عن تلك الطاقة غير النظيفة.
بينما طاقة الرياح فهي من المصادر النظيفة، رخيصة تكلفة الإنتاج، منعدمة التكلفة البيئيّة تمامًا لإنتاج الكهرباء، وطاقة الرياح يمكن تعريفها بأنها: “الطاقة المتمثّلة في قوّة حركة الرياح الناتجة عن دوران الأرض حول محورها؛ ممّا يتسبّب في إزاحة الهواء في الاتّجاه المعاكس لدورانها، كردّ فعل لذلك الدوران”.
توليد الكهرباء من طاقة الرياح
تعدّ فكرة توليد الكهرباء من طاقة الرياح فكرة قديمة نسبيًّا؛ حيث يرجع تاريخها إلى عام 1887م على يد الأسكتلنديّ جيمس بليث، الأستاذ في كليّة أندرسون بإسكتلندا، ثمّ تطوّرت الفكرة إلى أن وصلت في الوقت الراهن إلى عمل مزارع لعنّافات (مراوح) الهواء.
والتي يتمّ إقامتها على أبراج عالية، فتقوم الرياح بإدارة تلك العنّافات، والتي يتمّ نقل حركتها ميكانيكيّا إلى مولّدات الحثّ المزودة بمخازن تكثيف؛ لتصحيح معمل القدرة الكهربائيّة.
وكان يستخدم ذلك النظام حتى ثمانينيات القرن الحالي، ثمّ بعد ذلك تمّ استبدال مولّدات الحثّ بمولّدات سرعة، مع ربطها بمحوّلات طاقة جزئيّة، أو كليّة؛ لمساعدتها على استمرار توازن الجهد الكهربيّ.
أنواع مزارع مولّدات الكهرباء من الرياح
تحتاج مزارع مولّدات الطاقة الكهربائيّة من الرياح إلى مساحات واسعة وخالية من عوارض الرياح؛ ولذا يتمّ إقامتها على النحو التالي:
أوّلًا: المزارع المائيّة
يتمّ إقامة مزارع دوّارات الرياح لتوليد الكهرباء في تلك الأماكن؛ لما تمتاز به من شدّة الرياح على مدار اليوم، وعلى مدار العام تقريبًا، إلا أنّها تعتبر أعلى تكلفة من المزارع الأخرى؛ لما تتطلّبه من رءوس أموال وخبرة فنيّة.
ثانيًا: المزارع البريّة
ويتمّ إقامة مزار دوّارات الرياح لتوليد الكهرباء في المناطق البريّة الخالية كالصحراء؛ لما تمتاز به من شدّة الرياح عن بقيّة المناطق البريّة الأخرى، كما أنّها تمتاز بقلّة التكلفة النسبيّة عن المزارع التي يتمّ إنشاؤها داخل البحر.
مميّزات توليد الطاقة الكهربائيّة من الرياح
عند النظر إلى طرق ومصادر توليد الكهرباء المختلفة، نجد أنّ توليد الطاقة الكهربائيّة من الرياح يمتاز بالآتي:
- انخفاض التكلفة: تعتبر إقامة مزارع دوّارات الرياح مرتفعة نسبيًّا عند إقامتها، ولكن بتوزيع تلك التكلفة على العمر الافتراضيّ لها، نجد أنها تكلفة زهيدة جدًّا.
- طاقة متجدّدة: من المعلوم أنّ الرياح ممتدّة طوال العام تقريبًا، وهي لا تنضب بالاستهلاك؛ وبالتالي تعدّ الطاقة الناتجة عنها طاقة متجدّدة، لا تفنى بالاستخدام.
- طاقة رخيصة: بالنظر إلى الرياح كطاقة، نجد أنّ تكلفتها كمادّة خام للتشغيل صفرًا؛ وبالتالي فهي تعدّ من أرخص مصادر توليد الطاقة الكهربائيّة.
- طاقة نظيفة: من المعلوم أن طاقة الرياح لا ينتج عن استخدامها أي مخلّفات تشغيل؛ وبالتالي فهي طاقة نظيفة لا يترتّب على استعمالها أيّ ضرر للبيئة أو الإنسان.
- طاقة سلميّة: بالنظر إلى الصراعات الدوليّة نجد أنّ مبعثها غالبًا هو التنافس على مصادر الطاقة كالبترول، بينما الرياح لا نزاع عليها؛ لتواجدها في كلّ مكان، كما أنّه لا يمكن تخزينها، وبالتالي فلا نزاع على اقتنائها.
لقد انتشرت مزارع عنّافات (مراوح) الهواء على مستوى العالم؛ لدورها الفعّال والآمن في إنتاج الطاقة الكهربائيّة، فقد بلغت نسبتها بالنسبة لمصادر الطاقة العالميّة حوالي 4٪ من إنتاج الكهرباء في العالم، فهل يمكننا أن نري صحارينا تنبض بتلك المزارع يومًا ما، وتُصدّر الطاقة الفائضة؟ عسى أن يكون ذلك قريبًا.
التعليقات