لا جدال في أن الكهرباء مصدرًا من مصادر الطاقة النظيفة، رخيصة الثمن، سهلة النقل إلى مسافات بعيدة عبر موصّلات خاصة، كما أنها تعدّ اللبنة الأولى التي بنيت عليها الحضارة والنهضة الحديث، واقتصاديات الدول العظمى، فقد أعادت تشكيل خريطة العالم الحديث، فالكهرباء جعلت الخط الفاصل بين الليل والنهار تلاشى تقريبًا، كما أن عنصري المسافة والزمن أصبحا لا يمثّلا تحديًا كما كان من ذي قبل، وكذلك فإن كثير من الاختراعات الحديثة ما كان لها أن تشق طريقها الى الوجود إلا بفضل الكهرباء.
ولهذا فإن عظمة مخترع أو مكتشف الكهرباء تُؤخذ من عظمة وأهمية الكهرباء ذاتها في حياتنا، فلا يخلو بيت أو مصنع أو طائرة أو غواصة، ولا شيئ ما في الجو أو البحر أو على اليابسة إلا ويوجد به جهاز يدار بالكهرباء، ولهذا سوف نتناول في مقالنا هذا صاحب الفضل العظيم في وجود الكهرباء في عالمنا الحديث.
هل الكهرباء اختراع أم اكتشاف
يذهب البعض من الناس إلى أن الكهرباء اكتشاف من الاكتشافات، وذلك على اعتبار أن الكهرباء طاقة، والطاقة في حد ذاتها موجودة سواء رأينا أثرها أم لم نره، وبالتالي فهي اكتشاف لشيء موجود، بينما ذهبت الأكثرية إلى أن الكهرباء اختراعًا، لأنه يتم إنتاجها من احتكاك مادتين مختلفتين، وهذا الاحتكاك لا يتم عفويًا وإنما يتم بطريقة منظمة، باستخدام مواد مختارة لذاتها بآلية محددة،، وعليه فهي اختراع وليس اكتشاف.
من هو مخترع الكهرباء ؟
اختراع الكهرباء مرّ بمراحل عديدة، ساهم فيها كل عالم من العلماء بجهود لا يمكن تجاهلها، فلا يمكننا القطع بإسناد اختراع الكهرباء إلى عالم بذاته، إلا أنه يعتبر العالم الجليل فاراداي هو من أحدث طفرةً كبيرةً في اختراع الكهرباء بشكلها العملي الذي نستعمله الآن.
المخترعين ومراحل تطور الكهرباء
يعد عصر الحضارة الإغريقية هو أول مراحل اختراع الإنسان للكهرباء لأول مرة، فقد لاحظوا أن عنصر “الكهرمان” يمكنه جذب المواد الخفيفة عند احتكاكه بها، كالصوف والغبار والريش، والفراء وغيرها، وظلت هذه الظاهرة موضع ملاحظة واهتمام الكثير من العلماء والباحثين، خلال عدة قرون، والذين اخضعوها للتجارب المعملية، مما جعلها تمرُّ بعدة مراحل حتى تصل إلي الكهرباء المعروفة لدينا اليوم، وهذه المراحل هي:
المرحلة الأولى: ( تجارب طاليس الملطي)
طاليس الملطي هو أحد الفلاسفة اليونانيين، وهو أول من ساهم في اختراع الكهرباء بطريقة علمية مقننة، حيث استطاع تقديم أول اختراع الكهرباء، وهو الكهرباء الساكنة عن طريق عمل احتكاك بين حجر الكهرمان و مادة “الصوف“، والطاقة التي نتجت عن ذلك الاحتكاك أطلق عليها اسم (الراتينجي)، باللغة الإغريقية، ومعناها الكهرباء، وبهذا تعدّ تجربة طاليس الملطي، هي بداية التجارب مع الكهرباء.
المرحلة الثانية: (ويليام جيلبرت أبو الكهرباء الحديثة)
استطاع وليام جيلبرت العالم الإنجليزي أن يضع حجر الأساس في عملية تطور الكهرباء؛ حيث ارتبط تاريخ اختراع الكهرباء بهذا العالم الجليل ارتباطًا وثيقًا، فلم يكن يُعرف عن الكهرباء آنذاك إلا قشور بسيطة، حول امتلاك المغناطيس لخواص مغناطيسية تتمثل في جذبه للاجسام المعدنية، كما هو الحال مع الكهرمان عند احتكاكه بالمواد الخفيفة، ولكن وليام جيلبرت تناول الكهرباء في كتبه وأبحاثه، و استطاع أن يربط بين المغناطيس والكهربية، وهي تعدّ الركيزة الأولى للانتقال من الكهرباء الساكنة ( الاستاتيكية) إلى الكهرباء الحديثة ( الكهرباء الديناميكية).
المرحلة الثالثة: ( شارل دو فاي وآخرين )
توالت الأبحاث العلمية على الكهرباء من كثير من العلماء مثل: شارل دو فاي، وهنري كافنديش، وبيتر موشنبروك، ووليام واتسون، وشارل كولوم، وبنجامين فرانكلين، الذي ميّز بين الشحنات السالبة والشحنات الموجبة، إلى أن جاء العالم الكيميائي الإيطالي “فولتا”، والذي غير مجرى التاريخ بالنسبة للكهرباء.
المرحلة الرابعة: ( فولتا والكهرباء الكيميائية)
استطاع العالم الإيطالي فولتا اختراع أول بطارية لإنتاج الكهرباء في صورة التيار المستمر من خلال التفاعل الكيميائي، وهي تعدّ الفكرة الأولية لإنتاج التيار المستمر في شكله الحالي.
المرحلة الخامسة: ( فاراداي والكهرباء الكهرومغناطيسية)
تمكّن العالم الإنجليزي فاراداي من اختراع الكهرباء الكهرومغناطيسية، وهي عبارة عن سيل من الإلكترونات التي تمر عبر موصل، مستفيدًا من أبحاث من سبقوه من العلماء أمثال جورج أوم، وجيمس جول، و روبرت كيرشوف، وذلك باختراعه جهازًا عبارة عن ملف من سلك معزول من النحاس يدور بين قطبي مغناطيس، فينتج عنه تيار الكهرباء المعروف لدينا اليوم.
التعليقات