منذ قديم الأزل والإنسان يسعى جاهدًا أن يصوّر الطبيعة من حوله؛ ليحتفظ باللحظات الجميلة، أو حتى اللحظات الحزينة التي مرت به، فأخذ يتفنن في الرسم باستخدام الألوان الطبيعة، ولم يكتف بهذا، بل أخذ يجسّد الحياة من حوله بنحت الصور، وصناعة التماثيل، ومع مرور الوقت زادت حاجة الإنسان إلى إشباع رغبته في التصوير، خاصة وأنه استطاع أن يسجل صوته ويعيد سماعه مرة أخرى، ومع مرور الوقت بعد أن كان التصوير باستخدام الرسم أو النحت نوع من الرفاهية، أصبح مع الوقت ضرورة حياتية، فلجأ إلى ابتكار آله تقوم بهذا الدور بدقة وبسرعة أيضًا، فاخترع آلة التصوير، وما لهذا الإنجاز العظيم من دور كبير في حياتنا سوف نتناوله بالتفصيل في مقالنا هذا.
فكرة عمل الكاميرا
بالرغم من بساطة فكرة التصوير الفوتوغرافي، إلا أن هذه الفكرة البسيطة هي ثمرة تراكم جهود وأبحاث علماء عظام في علم البصريات، وعلم الكيمياء، وتقوم الفكرة على وضع لوح حساس للضوء داخل صندوق مظلم، يحتوي على عدسة محدّبة في مواجهة اللوح الحساس، وعند سقوط الضوء المنعكس من الجسم المراد تصويره على اللوح الحساس من خلال العدسة، تتكون صورة مقلوبة لهذا الجسم على ذلك اللوح.
المراحل التي مرّ بها اختراع الكاميرا
مرّت الكاميرا بعدة مراحل من التطوير والتحديثات، سواء ما يتعلق بحجم الكاميرا، أو الزمن اللازم لاتمام عملية التصوير، أو جودة الصورة ذاتها، وتمّ ذلك خلال المراحل الآتية:
المرحلة الأولى: ما قبل الكاميرا
يُعدّ التاريخ عالم البصريات العربي ابن الهيثم هو أول من أثار فكرة التصوير الفوتوغرافي، ولفظ الكاميرا اشتق من المصطلح العربي قمرة أي الغرفة المظلمة التي كان يستخدمها في دراسة الضوء، وفي هذه المرحلة استطاع ابن الهيثم أن يكون صورة حقيقية مقلوبة مصغرة داخل صندوق، منعكسة من جسم من خلال عدسة مثبتة في مقدمة هذا الصندوق المظلم، وكانت هذه الفكرة هي المُلهم للعلماء فيما بعد في اختراع الكاميرا.
المرحلة الثانية: اختراع الكاميرا
توالت أبحاث العلماء بعد ابن الهيثم لوضع الفكرة موضع التطبيق، وما كان ينقصهم سوى إيجاد المادة الحساسة التي تتأثر بالضوء، حتى إذا ما سقطت عليها الصورة المنعكسة في صندوق ابن الهيثم، تشكلت بتلك الصورة، ويأتي في هذه المرحلة دور الفنان والكيميائي لويس داجير، حيث استطاع عام ١٨٣٩م أن يتوصل إلى المادة الحساسة للضوء والمصنوعة من أملاح الفضة، ووضعها داخل الصندوق المظلم في مواجهة العدسة، وألتقاط أول صورة في التاريخ وقام بتسميتها الداجيروتايب تخليدًا لاسمه، وتم عرضها في مؤتمر علمي بباريس في نفس العام، ويعتبر عام ١٨٣٩م هو العام الأول لميلاد الكاميرا على يد الفنان والكيميائي لويس داجير.
المرحلة الثالثة: الكاميرا التجارية
كانت طريقة داغير في التصوير تستغرق وقتًا طويلًا نسبيا في التصوير، يصل إلى نصف ساعة للصورة الواحدة، فضلًا عن الحجم الكبير لصندوق الكاميرا، الذي لايصلح تداولها تجاريًا، وهنا توالت أبحاث العلماء لتطوير كاميرا داغير وركّزوا على أن تكون الكاميرا أصغر حجمًا، تستغرق أقل وقت للتصوير ، وتكون أقل تكلفة، وذات جودة صورة عالية، وفعلًا تحقق هذا على يد جورج ايستمان، الذي كوّن أول شركة لإنتاج وبيع الكاميرات عام ١٨٨٨، تحت مسمى شركة كوداك.
المرحلة الرابعة: الكاميرا الإلكترونية
وتوالت أبحاث العلماء على تطوير الكاميرا وآلية التصوير مستمرة، ومع التطور التكنولوجي وظهور الإلكترونيات الدقيقة، أخذت الكاميرا فكرة جديدة مختلفة عن فكرة داغير للتصوير، ألا وهي فكرة التصوير الإلكتروني، وظهور الكاميرات الإلكترونية الدقيقة، التي تصل سرعة تصويرها إلى آلاف الصور في الدقيقة الواحدة، الشيئ الذي لم يتصوره أحد من قبل.
الكاميرا في حياتنا
أشياء عظيمة ولدت واستجدت في حياتنا، ولولا فضل العلماء في اختراع الكاميرا، ما كان لهذه الأشياء أن ترى النور، ومن أبرز هذه الأشياء:
السينما: هل كان يتصور أحد وجود سينما بدون الكاميرا، فللكاميرا الفضل العظيم في ظهور السينما، وجميع الأعمال التي تعتمد على الصورة.
البحوث الطبية: فقد استطاع العلماء عن طريق تصوير سلوك الخلايا الحيّة، بالكاميرات الدقيقة
أن يكتشفوا أسرارها، وحلّ لغز كثير من الأمراض وعلاجها.
البحوث الجنائية: دخلت الكاميرا مجال البحوث الجنائية، في عمل الصحيفة الجنائية، وإثبات الصورة في إثبات الشخصية، وعمل السجلات الجنائية.
نسخ السجلات والملفات: وبفضل الكاميرا أيضا تقدمت تكنولوجيا النسخ، وظهرت ماكينات تصوير المستندات.
في الحقيقة أن حصر دور الكاميرا في حياتنا، ليس بالأمر اليسير، ويرجع ذلك إلى فضل العلماء في هذا المجال، منذ أن تم اختراعها عام ١٨٣٩م
التعليقات