عند مشاهدة أحد مصانع السيّارات، أو حتّى مصانع منتجات المشروبات، سوف تندهش لما تشاهده؛ فسوف ترى أنّ هناك بعض الألات التي تتحرّك في اتّجاه محدّد دون الآخر، وسوف ترى أنّه عندما يصل ذراعٌ ما متحرّك يحمل قطعةً من قطع الإنتاج، أنّه سيصل عند حدٍّ معيّن ثمّ يترك القطعة، ليلتقطها ذراعٌ آخر ليبدأ مرحلة جديدة، وكأنّ كلّ ذراع من تلك الأذرع يرى ما يحدث تمامًا رأي العين، بل وأدقّ، فالعين ربما تخطئ هدفها، بينما ذراع الآلة لا يخطئ هدفه أبدًا، إنّها الأتمتة Automation، أو التحكّم الآليّ، وهو موضوع مقالنا، فتابعونا.
تعريف التحكّم الآليّ (الأتمتة)
يستطيع الإنسان إتّخاذ ما يراه من قرارات، وفي التوقيت الذي يراه مناسبًا، ولكنّ الآلة تفعل ما تمّ برمجتها عليه إلكترونيًّا، أو آليًّا، وكلّ حركة من حركاتها، أو سكون من سكونها، يتمّ وفقًا لبرنامج دقيق تمّ إعداده مسبقًا، و وفقًا لحسّاسات متزامنة، لها القدرة على استشعار الهدف بكلّ دقّة تقاس بالزيرو خطأ، وتلك الآلات مسيّرة نحو هدفٍ محدّد، وهو ما يُطلق عليه الأتمتة، أو التحكّم الآليّ.
ويرجع الفضل في ذلك إلى العالم جورج ماكسويل عام 1868م، عندما كان بصدد إيجاد حلٍّ مثاليٍّ للأخطاء الناتجة من تدخّل البشريّة، وعليه يمكن تعريف التحكّم الآليّ بأنّه: “منظومة عمل متكاملة آليًّا، محدّدة الهدف مسبقًا، تعمل باستخدام القواطع الإلكترونيّة ( الحسّاسات- الكونتاكتورات ) وفقّا للتوافق التزامنيّ مع بعضها البعض، دون تدخّل العنصر البشريّ”.
أنواع أنظمة التحكّم الآليّ
تُحدّد التطبيقات العمليّة نوعيّة النظام المطلوب تشغيله، ومن هنا كان لابد من عدّة أنظمة تشغيل آليّة؛ لتواكب تلك المتطلّبات، وتتكوّن أنظمة التحكّم من الأنظمة الآتية:
أوّلًا: النظام المفتوح
يعتمد استمرار نظام التشغيل في العمل من عدمه في بعض الأحيان، على عنصر الزمن (المؤقّت)، وهنا تتوقّف مرحلة التشغيل على كلّ مدّة زمنيّة يتمّ برمجة النظام عليها، إمّا من خلال متحكّمات إلكترونيّة، أو متحكّمات آليّة، لتبدأ المرحلة التالية، دون الاعتماد على المخرجات في توقّف العمليّة أو استمرارها.
مثال ذلك الغسّالات الأوتوماتيكيّة، فتتوقف مرحلة العصر أو الشطف على عنصر الزمن الذي تمّ برمجته، ولا تتوقّف على تمام نظافة الغسيل، وكذلك مرحلة تعبئة زجاجات المياه الغازيّة، فيتمّ فتح وغلق صنابير الملء كلّ مدّة محدّدة يتمّ حسابها، بحيث تكفي لملء الزجاجة.
ثانيًا: النظام المغلق
وهذا النظام يعتمد فيه استمرار مرحلة التشغيل من عدمها على مخرجات مرحلة التشغيل، ومثال ذلك سخّانات المياه، فتتوقّف عن العمل عند بلوغ المياه درجة حرارة معيّنة، والتي تمّ برمجتها عليها.
مكوّنات النظام الآليّ
يعتمد النظام الآليّ على مجموعة من المكوّنات الرئيسة، بصرف النظر عن نوع النظام، ويمكن تناولها على النحو الآتي:
الحسّاسات Sensors: وهي مكوّنات إلكترونيّة مثل حسّاسات نظام الإطفاء الآليّ، أو مكوّنات ميكانيكيّة مثل التايمرات ذات التروس، أو استاتيكيّة مثل حسّاسات غلّايات المياه، وهي التي تقوم بالكشف عن نهاية مرحلة التشغيل من عدمها، وكلّ نوع من تلك الحسّاسات تندرج تحته أنواع فرعيّة عديدة.
المستقبِلات: وهي التي تقوم باستقبال المعلومات من الحسّاسات، وتحويلها إلى إشارات كهربائيّة، كما في حالة الحسّاسات الإلكترونيّة مثلًا، وتوجيهها إلى المشغِّل.
المشغِّلات: وهي نظام إلكترونيّ دقيق، وتتكوّن أغلب المشغِّلات الإلكترونيّة من المتحكمات الدقيقة ( Microcontroller )، والتي يتمّ برمجتها وفقًا لمتطلّبات النظام، وهي التي تتّخذ القرار بانتهاء مرحلة التشغيل، وبدء المرحلة التي تليها، وفقًا لما تتلقّاه من إشارات المستقبِلات، بناءً على الإشارات الواردة من الحسّاسات.
وتتمّ عمليّة التحكّم الآليّ وفقًا لنظام متكامل، بين جميع مكوّناته، والتوقّف في أي مرحلة يعني توقّف المرحلة التي تليها تلقائيًّا.
مميّزات نظام التحكّم الآليّ
كلّما قلّ اعتماد أيّ نظامٍ على تدخل العنصر البشريّ، كلّما ارتفعت نسبة الكفاءة والدقة في العمل، وحيث أنّ نسبة التدخّل البشريّ في هذا النظام أثناء تناوب مراحل التشغيل تكون صفرًا، ويقتصر دوره على المتابعة والإشراف فقط، فإنّ النظام يمتاز بالدقّة، والكفاءة، والفاعليّة المنقطعة النظير.
نعم إنّ دقّة وكفاءة وفاعليّة نظام الأتمتة راجعة إلى عدم تدخّل العنصر البشريّ، ولكن يظلّ الإنسان هو سيّد الموقف؛ لأنّه هو من ابتكر نظام الأتمتة ذاته، ولكن هل سيدخل الإنسان يومًا ما في المستقبل في حرب بقاء ،ٍ وتحديد مصير مع الأنظمة الآليّة التي ابتكرها، وخاصّة المعتمدة على التغذية الراجعة؟ ! سوف يقدّم لنا المستقبل الإجابة.
شكرا لكم على جهودكم القيمه في نشر العلم والمعرفه
اهلاً بك يا عبد المنعم ..
اشكرك جداً على الكلام الطيب ده ،.. وأتمنى يكون الموضوع عجبك ..
وأتمنى لك التوفيق