كيف يعمل الدينامو ؟

كثيراً ما تنتشر الأجهزة الإلكترونية من حولنا، بدءًا من ساعة اليدّ التي في معصمنا، إلى مركبة الفضاء التي تدور خارج أرضنا، وتعتمد الأجهزة الإلكترونية على أي مصدر للطاقة؛ ليمدها بالتيار المتدفق، لكي تؤدي مهامّها التي صُمّمت من أجلها.   فقد يكون مصدر الطاقة تفاعلًا كيميائيًّا، كما في البطاريات الكهربائية، سواء السائلة منها، أو الجافة، وقد يكون مصدر الطاقة دائرة تحويل الطاقة، مثل تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية، أو تحويل طاقة الرياح، أو الحركية إلى طاقة كهربائية، مثل الدينامو، وهو موضوع مقالنا هذا فتابعونا.

نبذة تاريخية عن الدينامو

ارتبط اسم الدينامو بالفيزيائي الإنجليزي “مايكل فارادي”، و كان فاراداي يعمل مساعدًا للعالم الكيميائي “همفري دافي”، بالمعهد الملكي البريطاني، وفي عام ١820م تقريبًا، وبالصدفة المحضة، ولكنها صدفة العلماء، وأثناء عمل إحدى تجاربه، لاحظ انحراف مؤشر الأميتر، عند اقتراب المغناطيس من الدائرة الكهربائية المغلقة التي يقيسها بالاميتر.

أعاد التجربة بالتمرير السريع للمغناطيس، مع الاقتراب أكثر فأكثر، فلاحظ أن الانحراف يزيد أكثر فأكثر، إذن هي الكهرباء التي نشأت في الدائرة الكهربائية، من جراء تمرير المغناطيس، وهي التي حركت مؤشر الأميتر، ومن هنا برقت في ذهن فارادي فكرة عمل الدينامو.

تركيب الدينامو

استغرق عمل الدينامو مجهودًا مضنيًا من التجارب والمحاولات العديدة، ولكن يمكن تلخيصها في الآتي:

• ظل فاراداي يعيد تجاربه مرّة تلو المرّة، وفي كل مرّة يُحدث تغييرًا في مكونات تجربته، فمّرة يزيد من قوة المغناطيس، ومرّة أخرى يزيد من طول سلك، أو ملف الدائرة، ومرة ثالثة يزيد من الاثنين معًا، طول السلك، وقوة المغناطيس، وهكذا.
• وكان فاراداي يحصل على نتائج أفضل في كل تجربة، إلى أن وصل إلى فكرة عمل ملف من سلك نحاسيّ رفيع، ذو عدد لفات أكثر، وهكذا حصل على أطول سلك، أو ملف دائرة ممكن، في أقلّ حيّز.
• توصل فاراداي إلى وضع مغناطيسين متقابلين ولكنهما متعاكسيّ الأقطاب، القطب الشماليّ يواجهه القطب الجنوبيّ، بينهما فراغ يسمح بوضع ملف؛ وذلك للحصول على أكبر مجال للفيض المغناطيسي.
• ثم قام بعمل ملف من سلك نحاسيّ معزول، يحتوي على مئات اللفات، ملفوف على قضيب من مادة عازلة، وينتهي طرفيّ الملف إلى بكرتين من النحاس، بكرة لكل طرف من الملف.
• ثم حمل قضيب الملف على دعامتين، بحيث يكون حرّ الحركة عليهما بين قطبي المغناطيس، ثم قام بتوصيل الأميتر، عن طريق سلك تُلامس طرفاه بكرتيّ الملف، طرف لكل بكرة، ثم أدار الملف بين قطبيّ المغناطيس بسرعة، وكانت المفاجأة، توليد تيار كهربائي هائل.

كيفية توليد الكهرباء من الدينامو

عندما استخدم فاراداي قطبيّ مغناطيسيين، متواجهين مختلفىّ الأقطاب، كان يعي ما يفعل، فهذان القطبان يوجد بينهما فيض هائل من المجال المغناطيسي، وأيضًا عندما استخدم ملفًا من السلك المعزول، يكون بذلك قد حصل أطول سلك ممكن.

فعندما يدور الملف بين قطبي المغناطيس، وسط الفيض المغناطيسيّ، يقطع هذا الملف الفيض المغناطيسيّ أثناء دورانه، فينشأ في ملف السلك سيل من التدفق الإلكتروني هذا السيل من الإلكترونات مرة يتجه من أحد طرفيّ الملف إلى الآخر، عند نصف الدورة الأولى، ثم ينعكس الاتجاه من الطرف الآخر إلى الطرف الأول، عند النصف الثاني من الدورة، وهكذا، وهذا ما يطلق عليه التيار المتردد.

ثم تطور عمل الدينامو من حيث الحجم، أو من حيث الطاقة الميكانيكية، التي تستخدم لتشغيله، فتمّ استخدام طاقة الرياح، أو مساقط المياه في السدود لمدّه بالطاقة الحركية، التي يتم تحويلها إلى طاقة كهربائية هائلة، تستخدم في شتى مجالات الحياة.

استخدامات الدينامو

يستخدم الدينامو في شتى مجالات الحياة التي لا يمكن حصرها، ولكن يمكن ذكر بعض منها في الآتي:

• توليد الطاقة الكهربائية في محطات الرياح، ومساقط المياه، التي تستخدم في إنارة المنازل، وتشغيل المصانع والمنشآت المختلفة.
• توليد الطاقة الكهربائية في السيارات والمعدّات المتحركة، التي تستخدم في إعادة شحن البطارية وغيرها.
• يستخدم في مدّ المناطق النائية البعيدة عن مصدر الطاقة الكهربائية، بالكهرباء اللازمة لتشغيل وإدارة أعمالها.

سيظل اسم فاراداي مرتبطًا بالطاقة الكهربائية، منذ اختراعه الدينامو، الذي أدار الحياة بعيدًا عن التلوّث البيئيّ بمخلّفات مصادر الطاقة التقليدية الأخرى.